بعد إهماله فترة طويلة، واعتباره مجرد منظم خلوي،
بزغ الرنا RNA كمسار لعالَم جديد من العلاج الطبي.
إن أهم ثلاثة جزيئات معقدة تمتلكها المتعضيات الحية(2) livingorganisms هي الدنا DNA، والرنا RNA والبروتينات. فقد دأب العلماء لعقود على نسب الأدوار الفاعلة في الخلية إلى الدنا والبروتينات؛ وعلى الرغم من وضوح أهمية الرنا، إلا أنه احتفظ بدوره بالقيام بخدمات داعمة.
في أواخر القرن العشرين أماطت سلسلة من الاكتشافات اللثام عن أشكال غير معروفة سابقا من الرنا تؤدي أدوارا تنظيمية فاعلة داخل الخلايا مثل تحديد البروتينات التي يتم تصنيعها وبأي كمية أو حتى إيقاف تعبير بعض الجينات بشكل كامل.
تسمح هذه الرؤى الحديثة للعلماء بأن يبتكروا عالما جديدا من العقاقير التجريبية ضد البكتيريا والڤيروسات والسرطان وأمراض مزمنة متنوعة يفترض أن تعمل بفاعلية ودقة أكبر من العديد من العقاقير المتوفرة حاليا.
بداية من اكتشاف البنية الحلزونية المزدوجة للدنا DNA عام 1953، أظهرت قصة البيولوجيا الجزيئية(3) عددا أكبر من الشخصيات مقارنة برواية روسية. فقد عرف البيولوجيون عشرات الآلاف من الجزيئات التي توجه وتشكل الفوضى المنظمة داخل خلايا الجسم، واستثمروا هذه الاكتشافات في تطوير الآلاف من العقاقير والمعاملات الطبية.
ولعقود خلت أتت نجوم هذه الدراما من معسكرين: الدنا، أو الحمض الريبي النووي المنقوص الأكسجين(4)، والذي يعمل بصفته مستودعا شبه دائم للمعلومات الجينية(5)؛ والبروتينات، والتي تقوم بالعمل البسيط الذي تتطلبه الجينات. فقد قادت الاكتشافات البروتينية إلى تطورات طبية مثل الإنسولين المكون صناعيا، والإنترفيرون interferon، والعقاقير المضادة للسرطان من الجيل الثاني. كما تقدمت المعالجة الجينية، باستخدام قطع معدلة من الدنا في علاج مرض الناعور(6) hemophilia، ومرض فقدان البصر الوراثي، وغيرهما من الأمراض الأخرى التي كانت مستعصية.
وخلال هذه المسيرة من التقدم الطبي جرى إهمال طراز ثالث من الجزيئات الحيوية(7): الرنا RNA، أو الحمض الريبي النووي. وكشقيقتها الأكثر شهرة، تمتلك جزيئات الرنا معلومات جينية. ولكن الرنا أقل ثباتا كيميائيا من الدنا، وغالبا ما يتفكك بواسطة الإنزيمات الموجودة في بيئة سيتوبلازما الخلية المتقلبة.
ومع أن معرفة العلماء المبكرة أن الرنا يشترك بطريقة معقدة في مرحلة ما من كل عملية خلوية تقريبا، إلا أنهم دأبوا على إعطائه دورا داعما فقط في معظم مراحل ثورة الطب الأحيائي، بحيث بقي دوره محجوبا بالأدوار المعطاة للدنا والبروتينات. وفي الخمسينات والستينات من القرن الماضي اقتصرت نظرة العلماء إلى دور جزيء الرنا في الخلية على تشبيهه بدور «سندريلا» في الحكاية المعروفة، يقوم بنقل الرسائل، وتنسيق وتأمين الإمدادات، ويعمل بشكل عام على الإبقاء على الخلية مرتبة ومنظمة. فقد بقيت هذه النظرة عالقة في أذهان العلماء إلى عقود.
وكان كل ذلك قبل أن يقوم بعض من عرّابات(8) (وعرابين)(9) قصص الجن بعملية تجميل مذهلة لدور الرنا. وفي نهاية القرن العشرين أظهرت سلسلة من الاكتشافات أشكالا جديدة من الرنا لا تشبه مطلقا الرنا القليل الشأن المكلف بدور مدبرة المنزل(10) ضمن الخلية. وعلى العكس من ذلك، مارست هذه الجزيئات المكتشفة من الرنا درجة عالية من السيطرة على سلوك الدنا والبروتينات مستهدفة جزيئات محددة من أجل زيادة أو تخفيض فاعليتها. ومن خلال معاملة هذا الرنا، قد يكون ممكنا للعلماء تطوير علاجات للسرطان، والأمراض المعدية، وطيف واسع من الأمراض المزمنة.
وخلال العقد الماضي تسابق الباحثون من أجل استثمار هذه الرؤية. فقد تسارعت وتيرة الاكتشافات، كما تشكلت دستات من الشركات الجديدة من أجل الاستفادة من الاكتشافات الجديدة، وأصبح الآن توفر بعض العلاجات الواعدة وشيكا.
وفي غضون ذلك، نما ما كان في البداية لا يزيد على جدول صغير من الاستثمار المادي في هذا المجال ليصبح سيلا جارفا يساوي بلايين الدولارات. ومن بين الاستثمارات الحديثة، حصلت الشركة Editas للعقاقير على رأس مال استثماري قدره 43 مليون دولار من أجل انطلاقها في نهاية عام 2013، وتُركز الشركة جهودها على تقانة الرنا الحديثة الأكثر إثارة والمعروفة باسم كريسپر CRISPR. وفي الشهر 1/2014 تسلمت الشركة Alnylam للمستحضرات الدوائية، وهي أقدم بقليل من الشركة Editas حيث أُسست عام 2002، مبلغ 700 مليون وذلك للقيام بعدة أشياء من ضمنها تطوير خطها الإنتاجي من عقاقير الرنا لعلاج أمراض الدم المدمرة وأمراض الكبد والاعتلالات المناعية.
وجاء التمويل في «موجات متتالية,» وذلك كما يقول <R. ماك ليود> [نائب رئيس علم الأورام oncologyوالاكتشافات الاستطلاعية في الشركة Isis للمستحضرات الدوائية والتي جمعت نحو 3.8 بليون دولار منذ تأسيسها عام 1989]. وفي عام 2013 حصل المنتج الرئيسي للشركة وهو كينامرو Kynamro، على ترخيص من إدارة الغذاء والدواء الأمريكية باعتباره دواء متعلقاً بالرنا للأشخاص المصابين باعتلال جيني نادر يتدخل بشكل كبير في مقدرتهم على معاملة الكوليسترول؛ مما يعرضهم بشكل كبير لخطر الإصابة بالجلطات القلبية والسكتات الدماغية.
[أداء متميز]
الرنا يتألق في أدوار جديدة
منذ عقود خلت عرف العلماء عن واجبات تدبير الخلية الأساسية للرنا. إلا أن الأبحاث العلمية خلال السنوات القليلة الماضية أظهرت صورا جديدة للرنا ذات وظائف مدهشة يمكنها في يوم من الأيام أن تقود إلى علاجات دوائية أكثر دقة في توجهها واستهدافها للأمراض.
المخطط الأساسي
تبدأ الخلايا عملية تصنيع البروتينات بنسخ أو انتساخ الكود الجيني genetic code الموجود في الدنا لتنشأ عنها تسلسلات مكملة من الرنا المرسال mRNA (كما هو مبين في يسار المخطط). بعد ذلك يغادر الرنا المرسال إلى خارج النواة، حيث تقوم الريبوسومات، والتي يتكون جزء كبير منها من الرنا الريبوسومي rRNAا(11)، بترجمة الرسالة التي يحملها الرنا المرسال إلى جزيء بروتيني متنامٍ وذلك عن طريق ربط أحماض أمينية ببعضها (مبينة في يمين المخطط). وتقوم جزيئات ما يسمى بالرنا الناقلtRNA، بإيجاد الأحماض الأمينية ووضعها في مكانها المناسب.
حيل جديدة
يمكن للطرز المكتشفة حديثا من الرنا RNA أن توجه بروتينات متخصصة نحو إعاقة عمليات خلوية معينة أو حتى إيقافها كليا. ويقوم الباحثون بتكييف هذه المسارات من أجل تطوير علاجات دوائية أكثر دقة.
(1) ويأمل الباحثون بمعاملة جزيئات الرنا الميكروي microRNA والتي تعطي الخلية القدرة على تغيير إنتاج بروتينات معينة، وذلك لعلاج عدد من الأمراض. ولأنه ليس ضروريا أن يتوافق تسلسل جزيئات الرنا الميكروي مع تسلسل الرنا المرسال المطلوب التأثير في ترجمته، فإنه يمكن لعدد قليل من جزيئات الرنا الميكروي أن يعطل مؤقتا إنتاج عدة أنواع مختلفة من البروتينات.
(2) يقوم الباحثون بتخليق جزيئات صغيرة متدخلة من الرنا (siRNA)ا(12) مكملة للجزء المراد تعطيله من الرنا المرسال. بعد ذلك يتم أخذ جزيئات صغيرة متدخلة من الرنا بواسطة معقد بروتيني يعمل على قطع الرنا المرسال المستهدف في الموقع الذي تحدده جزيئات صغيرة متدخلة من الرنا.
(3) في عام 2012 حاز ما يدعى نظام كريسپر CRISPR على شهرة باعتباره أداة للهندسة الجينية. ويقوم الباحثون بتخليق سلسلة مرشدة من الرنا مكملة للتسلسل الجيني الدقيق من الدنا DNAالذي يريدون تعديله. بعد ذلك يقومون بربط هذه السلسلة المرشدة ببروتين يعمل على قطع الدنا إلى قطعتين. ويقوم المعقد المكون من الرنا والبروتين بالبحث عن تسلسل الدنا المستهدف ويعطله بشكل دائم. ويمكن كذلك، ومن خلال عملية منفصلة، إضافة قطع صغيرة تقويمية من الدنا إلى الموقع نفسه.
وكما هي الحال مع أي مجال يتوسع بسرعة، كان هناك بعض العثرات والانعطافات في الطريق الذي خطه هذا المجال،وقد لا تصمد الاكتشافات كلّها أمام اختبار الزمن. مع ذلك، فالباحثون الطبيون في حالة نشوة من الإثارة المرافقة لهذه الاكتشافات – فهم كَمَن وجدوا قارة جديدة يمكن اسكتشافها بحثا عن اكتشافات علمية كبيرة محتملة.
دور داعم
من السهل أن نفهم السبب الذي يدعو علماء البيولوجيا الجزيئية إلى إسناد دور النجومية إلى جزيئات الدنا والبروتينات بدلا من إعطائه إلى الرنا. وتشكل تحت الوحدات التي تكون الدنا – الأدينين والثايمين والسيتوزين والجوانين (أو G ،C ،T ،A) – دليل التعليمات اللازمة لنمو كل ما هو حي على سطح هذا الكوكب. وإحدى أهم العمليات التي يزودها الدنا بالكودات codes هي تخليق البروتينات.
وبدورها، تعطي البروتينات الخلايا بنيتها الثلاثية الأبعاد وتسمح لها بأداء العديد من الأعمال، فهي تُؤَمِّن مرونة الجلد الفتي، وقوة القلب مدى الحياة. كما أنها تُفَعِّل الدنا وتكبحه استجابة لإشارات بيئية، و تحدد فاعلية استخدام الخلايا للسكر وتنظم مقدرة العصبونات neurons على تبادل الإشارات العصبية فيما بينها داخل الدماغ. والغالبية العظمى من العقاقير الحالية – بدءا من الأسبرين وانتهاء بالزولوفت Zoloft – تؤدي وظيفتها بمعاملة البروتينات، وذلك إما بتعطيل وظيفتها أو تعديل الكمية المنتجة منها.
إن مجرد كون معظم العقاقير تعمل بالتأثير في البروتينات لا يعني أن الباحثين قد تمكنوا من تطوير عقاقير تؤثر في جميع البروتينات التي يرغبون في استهدافها. وتتكون العلاجات الدوائية الأكثر شيوعا من جزيئات صغيرة يمكنها البقاء سليمة بعد ابتلاعها ومرورها عبر الوسط الحمضي في المعدة. وبمجرد امتصاصها من الجهاز الهضمي، يجب أن توائم نفسها على المواقع الفعالة للبروتينات المستهدفة بالطريقة نفسها التي يتواءم فيها المفتاح في القفل. ولكن هناك مجموعات معينة من البروتينات لن تجدي معها هذه الطريقة التقليدية. وهذه البروتينات تخبئ مواقعها الفعالة بعيدا داخل أقنية ضيقة، أو أنها لا تمتلك موقعا فعالا بسبب كونها تشكل جزءا من الهيكل الداخلي للخلايا؛ «مما يجعلها عصية على العلاج الدوائي،» كما يقول <ماك ليود>.
لقد صممت عقاقير الرنا الجديدة من أجل تجاوز هذه الحواجز – مع أن الكيفية التي تقوم بها بذلك بقيت غير واضحة حتى فترة قريبة. وكما يعرف العلماء منذ فترة طويلة، فإن الرنا يؤدي دور وسيط موهوب، حيث يقوم بنسخ، أو انتساخ، تعليمات الدنا ليحولها إلى تسلسل مُكمِّل (مثل مزاوجة سيتوزين C بجوانين G) وبعد ذلك يقوم بترجمة هذا الكود للحصول على بروتينات ثلاثية الأبعاد. وينتقل الجزيء المسمى الرنا المرسال mRNA من مكان تصنيعه في النواة إلى سيتوبلازم الخلية، حيث تقوم تراكيب(13) تسمى ريبوسومات ribosomes والرنا الناقل tRNA بالعمل مع بعضها من أجل قراءة الرسالة التي يحملها الرنا المرسال والوصل بين الأحماض الأمينية (وهي مركبات تحتوي على النتروجين) لتعطي سلاسل طويلة تشكل البروتينات. ولكن يمكن للرنا القيام بأكثر من هذا بكثير.
ولادة نجم
لقد وُضع حجر الأساس لأداء الرنا الناجح والمفاجئ في عام 1993، مع تعريف أول جزيء رنا ميكرويmicroRNA. وتُثبِّت هذه القطع غير النموذجية في قصرها نفسَها على سلاسل الرنا المرسال؛ مما يمنع الريبوسومات من القيام بتجميع البروتين [انظر الإطار السابق “أداء متميز”]. فمن الواضح أن الخلايا تستخدم جزيئات الرنا الميكروي في تنسيق مخطط إنتاج العديد من البروتينات – وبشكل خاص خلال المرحلة المبكرة من تطور المتعضي(14)organism. وبعد ذلك بخمس سنوات حقق الباحثون اكتشافا علميا كبيرا عندما أوضحوا أن جزيئات رنا قصيرة مختلفة أوقفت بكفاءة ترجمة الجين إلى بروتين وذلك بقطعها للرنا المرسال، وقد نال هذا الاكتشاف المميز فيما بعد جائزة نوبل عام 2006.
عند هذه المرحلة، أبدى الجميع – وليس فقط المتخصصون بالرنا – اهتماما باستخدام هذا الجزيء الذي كان مهملا في السابق وذلك للتأثير في كيفية تشكل البروتينات. وسميت عملية عرقلة عمل الرنا المرسال بواسطة جزيئات رنا قصيرة باسم التدخل بواسطة الرنا (RNAi)ا(15)، وأطلق على الجزيئات الأخيرة اسم الرنا الصغير المتدخل (siRNA)ا(16). وفي غضون ذلك، أدرك عدد كبير من العلماء أنهم قد يكونون قادرين على التعامل مع البروتينات التي لا يمكن علاجها بالعقاقير وذلك من خلال إزاحة هدف العلاج إلى مرحلة أعلى باتجاه بداية عملية تصنيع البروتينات، أي على مستوى الرنا.
وحتى تاريخه، سجلت أكثر من 200 دراسة تجريبية على جزيئات الرنا الميكروي أو الرنا الصغير المتدخل siRNAومن خلال قاعدة بيانات الحكومة الأمريكية للتجارب السريرية المعنية بتشخيص أو معالجة كل شيء من التوحدautism إلى سرطان الجلد. ومن بين أكثر هذه العلاجات المبشرة بمستقبل واعد علاجات لڤيروس إيبولا(17)، وهو عامل ممرض فتاك. حيث يخشى خبراء محاربة الإرهاب أنه يمكن أن يستخدم كسلاح بيولوجي، وڤيروس التهاب الكبد من الطراز C، الذي أدى إلى إصابات امتدت فترات طويلة إلى نحو 150 مليون شخص حول العالم، وهو سبب رئيسي في سرطان الكبد [انظر الإطارين التاليين “طلقة جديدة ضد ڤيروس التهاب الكبد من الطراز C” و “هزيمة إرهابيي الطبيعة”].
طلقة جديدة ضد ڤيروس التهاب الكبد من الطراز C
استهداف جزيئات رنا ميكروي microRNA
في خلايا الكبد يمكنه أن يعيق قاتلا صامتا.
قبل خمس وعشرين سنة خلت لم يكن أحد قد سمع بعد بڤيروس التهاب الكبد من الطراز C. أما اليوم، فهو من أحد الأسباب الرئيسة في حدوث سرطان الكبد وهو سبب رئيسي في حاجة الناس المرضى إلى زراعة الكبد. ويتسبب هذا الڤيروس في مقتل 000 350 شخص سنويا على مستوى العالم؛ وحاليا في الولايات المتحدة الأمريكية، يتجاوز عدد الموتى بسبب ڤيروس التهاب الكبد عدد من يموتون بسبب مرض متلازمة نقص المناعة المكتسب (AIDS).
ومن الممكن الشفاء من هذه العدوى، ولكن مع آثار جانبية موهنة. ويتسبب العلاج التقليدي بالإنترفيرون Interferon والريباڤيرينribavirin في الإصابة بالحمى والصداع والإعياء والاكتئاب وفقر الدم. ويمكن لمثل هذا العلاج أن يستمر لمدة أحد عشر شهرا، وهو يزيل الإصابة تماما لدى 50 إلى 70 في المئة من الحالات. فقد أدت إضافة مثبطات الپروتياز protease inhibitors، وهي نوعية من العقاقير استخدمت للمرة الأولى ضد ڤيروس نقص المناعة المكتسب (الإيدز)، إلى تحسين معدلات الشفاء وقللت من مدة العلاج. ولكن لسوء الحظ، تؤثر العقاقير الأحدث في التهاب الكبد من الطراز Cالأكثر شيوعا في أمريكا الشمالية وأوروبا واليابان فقط، وبذلك فهي لا تبدي الفعالية نفسها في جميع أنحاء العالم.
لا يتم شفاء %30 على الأقل من الأشخاص المصابين بالتهاب الكبد من الطراز C بعد الجولة الأولى من العلاج التقليدي. |
ويمكن لعقاقير الرنا أن تحسن مستقبل علاج هذا المرض. ففي عام 2013 بَيّن العلماء أن استهداف جزيئات رنا ميكروي معينة في خلايا الكبد، بدواء تجريبي يدعى ميراڤيرسين miravirsen قد خفض بشكل كبير كمية ڤيروس التهاب الكبد من الطراز C لدى معظم المرضى الذين يتلقون هذا العلاج، وفي بعض الحالات وصل الانخفاض إلى مستويات أقل من حد الكشف. ويتألف العلاج التجريبي من تسلسل قصير من الدنا تطابق «أحرفه» بشكل تام أحرف الرنا الموجودة على الرنا الميكروي؛ مما يسمح للعقار بأن يستقر على هدفه بدقة.
والرنا الميكروي المذكور، ويدعى miR-122، يؤدي دورا مفتاحيا في إنتاج العديد من البروتينات في الكبد. ولكن يبدو أنه يعزز إنتاج هذه البروتينات بدلا من تثبيطها كما تفعل العديد من جزيئات الرنا الميكروي. وبمجرد دخول ڤيروس التهاب الكبد من الطراز C إلى الخلية، يقوم بتثبيت نفسه على جزيء الرنا الميكروي miR-122؛ مما يضمن تشكيل نسخ عديدة من الڤيروس. إن تعطيل الرنا الميكرويmiR-122 يؤدي إلى تعطيل تضاعف الڤيروس كذلك.
وكانت التأثيرات الجانبية الرئيسة للعلاج بالعقار ميراڤيرسين احمراراً في موقع زرق الحقنة، واختفى فيما بعد. ولكون هذا العلاج يستهدف شيئا داخل خلايا العائل – بدلا من استهداف أحد بروتينات الڤيروس (وهي الطريقة التي تعمل من خلالها مثبطات الپروتياز) – فيفترض أن يكون فعالا ضد جميع سلالات ڤيروس التهاب الكبد من الطراز C.
ومع أن التدخل العلاجي كان مصمما لأن يستمر فقط إلى أربعة أسابيع (عادت الإصابة إلى الظهور في النهاية لدى جميع المرضى الذين تلقوا العلاج)، فإن هناك سبباً للاعتقاد أن العلاج لفترة أطول بعقار ميراڤيرسين سيكون أكثر فاعلية. «والفكرة هي أنك إذا منعت التضاعف الڤيروسي لفترة كافية، فسيكون بإمكانك شفاء المرض،» كما يقول <A .L .H. جانسين> [عالم مرموق في معهد الأبحاث العام في تورنتو، وباحث مشارك في دراسة عقار ميراڤيرسين، التي نشرت في مجلة نيو إنگلاند الطبية]. وما زال المزيد من الأبحاث مستمرا في هذا المضمار.
<گورمان> تكتب في مواضيع
تتعلق بالصحة والدواء.
ما التالي؟
في حين ما زالت العلاجات التي تضم جزيئات الرنا الميكروي أو الرنا الصغير المتدخل siRNA هي الأخيرة في السباق للوصول إلى عيادة الطبيب، فإن هناك جيلا جديدا آخر لنجوم علاجية طموحة تنتظر انطلاقتها. وستؤدي هذه العلاجات المحتملة دورها في نقطة أبعد باتجاه بدايات المسار الحيوي، أي على مستوى جزيء الدنا نفسه. ويعتمد أحد هذه الأساليب على تسلسلات كريسپر(18) التي تتواجد في دنا العديد من المتعضيات الوحيدة الخلية(19) التي وصفت بحماس في مجلة ساينس Science على أنها «جنون كريسپر». والأسلوب الآخر يعتمد على وجود جزيئات تعرف بجزيئات رنا طويلة غير مُكوِّدة (lncRNAs)ا(20)، ومازال يواجه بعض الشكوك حول فائدته.
المصطلح كريسپر CRISPR يعني التتاليات الراجعة القصيرة العنقودية المنتظمة المسافات الفاصلة(21) وهي قطع من الدنا متكررة بشكل غير منتظم توجد في البكتيريا والأركايا (متعضيات شبيهة بالبكتيريا(22)). وتتفاعل هذه التسلسلات الفريدة، بدورها، مع بروتينات تعرف باسم البروتينات المرتبطة بالكريسپر(23)، أو اختصارا بروتينات «كاس» Cas. وتشكل كريسپر مع أشكال متنوعة من بروتينات كاس نظاما دفاعيا بكتيريا ضد الڤيروسات.
وتقوم هذه البروتينات بوظيفة واحدة – وهي قطع الدنا إلى قطعتين. حيث يتم توجيهها إلى أجزاء معينة من الدنا الڤيروسي بواسطة سلاسل متممة من الرنا. فمن أين يأتي الرنا؟ يتم ذلك بطريقة أشبه بمصارعة الجوجيتسو(24) اليابانية، حيث تنتزع الخلايا الرنا من الڤيروس المحتل، وتحوله إلى عميل مزدوج يرشد بروتينات الكاس إلى المنطقة المحددة التي سيتم قطعها.
ومع أن عناصر كريسپر لوحظت للمرة الأولى في البكتيريا عام 1987، فإن العلماء لم يبدؤوا بتكييف هذا النظام لعدد كبير من أنسجة الحيوانات، بما فيها الإنسان، حتى عام 2012. ومن خلال تخليقهم لسلاسل رنا مرشدة خاصة بهم، أمكن للباحثين توجيه بروتينات الكاس لتقطع جزيئات الدنا داخل النواة في مواضع محددة بدقة عالية. وجوهر الموضوع هو أنهم حولوا الآلية الدفاعية البكتيرية إلى أداة دقيقة لتصحيح الجينات.
يمكن لمثل هذه التقانة الموجهة بإتقان أن تحدث ثورة في العلاج الجيني، وربما يحدث هذا عاجلا بدلا من آجلا.
بإمكان الباحثين السريريين حاليا حقن المرضى الذين لديهم جينات معيبة بالدنا الصحيح وذلك بطريقة عشوائية، على أمل بأن تتمكن بعض هذه المادة الجينية على الأقل من البدء بعملها في المكان المناسب. ويمكن لتقانة «كريسپر/كاس» أن تبدل ذلك من خلال تمكينها الباحثين من الاختيار الدقيق للمكان الذي سيحتاج فيه دنا المريض إلى التعديل. «سنشهد في العام القادم عددا ليس قليلا من تجارب العلاج الجيني باستخدام تقانة كريسپر،» كما يقول <M.G. تشرش> [أستاذ علم الوراثة في مدرسة هارڤارد الطبية، والمؤسس المشارك للشركة Editas، وهو مستشار علمي لمجلة ساينتفيك أمريكان]. ويضيف <تشرش>: «إن هذه التقانة تعمل بمجرد إخراجها من علبتها، ويمكنك استخراجها من البكتيريا بتعديلات طفيفة. وتقريبا، فإن كل رنا مرشدٍ تريد صنعه سيجد المكان المناسب لعمله. إنها طريقة سريعة ودائمة الأثر.»
ويتوقع <تشرش> أن تشرع الشركة Editas في التجارب السريرية بسرعة بعد أن تكمل أولا دراساتها على الحيوانات. ومن بين الشركات الأخرى المنشأة حديثا والتي تعتمد على تقانة كريسپر، الشركتان CaribouBiosciences و Egenesis.
وأخيرا، فإن أكثر الاكتشافات الحديثة للرنا إثارة للجدل تتعلق بجزيئات الرنا lncRNA. فقد وصِفت هذه الجزيئات لأول مرة في عام 2002، وهي قطع غير اعتيادية من الرنا تنشأ في النواة وتبدو، للوهلة الأولى، كما لو أنها جزيئات رنا مرسال mRNA فيما عدا أنها تفتقر إلى تسلسلات محددة من الأحرف (الأحماض النووية) اللازمة لبدء عملية الترجمة.
فما الذي تريده الخلايا من وجود كل هذه الجزيئات الزائدة من الرنا؟ بعضها ينتج من دون شك من نسخ أشكال مبكرة من جينات أصبحت الآن مكسرة وليس لها أي وظيفة. (إن أحد أكثر اكتشافات الثورة الجينية إدهاشا هو أنه تقريبا يتم نسخ كامل الدنا الموجود في النواة، ولا يقتصر الأمر فقط على أجزائه المكودة لبروتيناته). بينما يمثل بعضها الآخر صدى لهجمات ڤيروسية من أنواع محددة تعرضت لها الخلايا منذ زمن طويل وكانت قادرة على دمج مادتها الجينية ضمن دنا الخلايا؛ مما يسمح بتمرير هذه المادة الجينية عبر الأجيال التالية.
هزيمة إرهابيي الطبيعة
قد يتمكن علاج يعتمد على الرنا RNA من إيقاف تقدم ڤيروس إيبولا Ebola.
في البدء يبدو الأشخاص المصابون بڤيروس إيبولا وكأنهم مصابون بالإنفلونزا – حمى وقشعريرة وآلام عضلية. وبعد ذلك يبدأ النزيف. مع اقتحام الڤيروس للخلايا في كافة أنحاء الجسم، يتمكن من التغلب على الكبد والرئتين والطحال والأوعية الدموية وإتلافها. وتفشل أعضاء الجسم خلال أيام ويدخل العديد من المرضى في غيبوبة. فقد قتلت بعض الجائحات outbreaks، التي حدثت بشكل أساسي في وسط وغرب إفريقيا، ما يصل إلى 90% من الأفراد المصابين.
وقد يوشك هذا الإنذار المخيف على التغير. حيث ابتكر <W.Th. گايسبرت>، الذي يعمل حاليا في الفرع الطبي لجامعة تكساس في گالڤستون، وزملاؤه العديدون، علاجا واعدا جدا أمكنه الحفاظ على حياة ستة قرود مصابة بڤيروس إيبولا. وكما نشر في الشهر1/2014، فإن هذا العلاج اجتاز اختبار الأمان الأول له لدى إنسان متطوع غير مصاب بالمرض. فقد حصل أحد مساعدي <گايسبرت>، وهو <I. ماك لاكلان> الذي يعمل لدى الشركةTekmira في بريتيش كولومبيا، وفريقه على منحة قدرها 140 مليون دولار من وزارة الدفاع الأمريكية من أجل تطوير بعيد المدى لهذا العلاج.
ومن خلال عمل مشترك، قام العلماء بهندسة رنا صغير متدخلsiRNA من أجل منع ڤيروس إيبولا من تصنيع بروتين محدد، لا يمكن له من دونه من أن يتكاثر. «فإذا ما أسقطتَ تصنيع هذا البروتين، فإنك نظريا أسقطت كل شيء في هذا الصدد،» كما يقول <گايسبرت>. وكذلك صمم الباحثون رنا صغيراً متدخلاً siRNAمن أجل إعاقة تصنيع بروتين ثان يستخدمه الڤيروس لإضعاف النظام المناعي لدى الشخص المصاب. ولا يوجد هناك أي خطر من تدخل الرنا الصغير siRNA في الوظائف الخلوية النموذجية وذلك لأن البروتينين الڤيروسيين المستهدفين لا يوجدان في خلايا البشر أو الثدييات الأخرى.
قتلت الجائحات، الحادثة بشكل |
وقد قام <ماك لاكلان> وزملاؤه بإدخال الرنا الصَّغير المتدخلsiRNA ضمن كبسولات على شكل فقاعات صغيرة من الدهون يمكن نقلها عبر أغشية الخلايا بسهولة. وبعد ذلك حقنوا المستحضر في عدة قرود رسيوس rhesus macaques، تمت إصابتها بڤيروس إيبولا قبل أقل من ساعة من حقنها. وفي إحدى الدراسات، نجا اثنان من أصل ثلاثة قرود أعطيت ما مجموعه أربع جرعات من العلاج في الأسبوع الأول من تعرضها للعدوى. وفي دراسة ثانية صممت لاختبار فعالية جرعة أعلى، نجت القرود الأربعة التي أعطيت سبع حقن من الرنا الصغير المتدخل siRNA. وأظهرت الاختبارات أن القرود المعالَجة احتوت في دمائها على عدد من جزيئات الڤيروس أقل من العدد النموذجي الذي يوجد لدى الحيوانات المصابة. وتحملت قرود رسيوس حقن الرنا الصغير المتدخل siRNA بشكل جيد، وتلك التي نجت منها استمرت سليمة بعد مضي ثلاثين يوما.
وكانت الدراسة « معلما على الطريق،» على حد قول <G. كوبنگر> [من جامعة مانيتوبا] الذي يعمل على دراسة مختلفة حول علاج إيبولا مبنية على استخدام الأجسام المضادة antibodies. وهو يعتقد أن <گايسبرت> وفريقه «يقودون الجهد المبذول باتجاه إحداث تطورات سريرية.»
<فراس جبر> محرر مشارك
لدى مجلة ساينتفيك أمريكان.
ولكن، ماذا لو كان بعض جزيئات الرنا IncRNAs يمثل طريقة غير معروفة سابقا لتنظيم التعبير الجيني – طريقة لا تتطلب طفرات خطيرة محتملة في الدنا أو لا تعتمد على البروتينات في تأدية دور النجم؟ فكر في أن الدنا يطوى كما يُطوى الورق في لعبة طي الورق اليابانية المسماة أوريگامي(25)، كما يقول <J. رن> [باحث الرنا من جامعة هارڤارد]. ويمكن لك باستخدام قطعتين متطابقتين من الورق أن تصنع إما طائرة أو طائر الغرنوق(26)، بالطريقة نفسها التي توجه جزيئات الرنا IncRNAs الدنا بطريقة ما، بحيث يتم التأكد من أن الخطوات التي تنفذ تتم بالترتيب الصحيح. وتماما كما أن الخطأ في ثني قطعة الورق في لعبة الأوريگامي قد يعطي غرنوقا عديم الأجنحة، كذلك فإن وجود كمية أكثر من اللازم من الرنا غير المكوِّد noncoding RNA، مثلا، قد يحفز نمو ورم من دون الحاجة إلى حدوث طفرة واحدة في جينات الخلية.
الإمكانية الأخرى التي تخضع للبحث هي أن جزيئات الرنا IncRNAs قد تثبت نفسها في أجزاء مختلفة من الدنا؛ مما يؤدي إلى تغيير الشكل الثلاثي الأبعاد للدنا وتعريضه بذلك، أو حمايته، من أي نشاط إضافي.
وقد اقتراح مجموعة كاملة من الرنا غير المكود الآخر وهي الآن في مراحل متنوعة من الخطوات الهادفة إلى تأكيدها كمُنظِّمات جينية مهمة أو رفضها باعتبارها أشباحا جينية. إن إحدى صعوبات دراسة الرنا غير المكود هي بالتحديد حقيقة أنه لا ينشأ عنها بروتينات؛ مما يزيد من صعوبة إثبات أنها تفعل شيئا مهما. «أعتقد أن هذه الدراسات ما زالت في أيامها الأولى، وهنا عالم كامل جديد في مرحلة البزوغ،» كما يقول <J. ماتيك> [من الرواد في أبحاث الرنا غير المكود ومدير معهد كارڤان للبحث الطبي في أستراليا].
لقد تحول تيار بطيء من الاهتمام المالي إلى سيل جارف قوامه عدة بلايين من الدولارات. فقد تسلمت إحدى الشركات المنشأة حديثا 43 مليون دولار، كما حصلت شركة أقدم منها بقليل على 700 مليون دولار من أجل تطوير خطها الإنتاجي من عقاقير الرنا RNA. |
وفي غضون ذلك، فإن التأمل في المدى الواسع من مركَّبات الرنا التي يجري تصميمها واختبارها يظهر لنا الصفة الأكثر جاذبية لهذا الجزيء – إنها بساطته. وبخلاف البروتينات، التي لا بد من تحديد بنيتها الثلاثية الأبعاد قبل أن يتمكن مطورو العقاقير من تكوين علاجات فعالة، فإن الرنا يتكون أساسا من تسلسلات ثنائية الأبعاد (إذا ما تركنا جانبا الآن، بعض الانثناءات والطيات التي يمكن لجزيئات الرنا أن تأخذها). «إنه يختزل مشكلة الأبعاد الثلاثية، حيث يتعين على جزيء صغير أن ينطبق بشكل تام في البروتين تماما كالمفتاح في القفل، إلى مشكلة ثنائية الأبعاد، خطيةlinear،» على حد قول <ماك ليود>. وبفضل مشروع الجينوم البشري، عرف الباحثون من قبل التسلسلات الأكثر أهمية في الجينوم، وكل ما يحتاجون إليه الآن هو القيام بتصنيع سلسلة الرنا المكملة، وبذلك يكونون قد قاموا بتخليق ما يعتبر الهدف المركزي لجهودهم.
وبالطبع، لا يزال اكتشاف الكيفية التي نضع فيها النظرية في حيز التطبيق، يتطلب جهودا حثيثة. ولكن يبدو، حاليا على الأقل، أَنَّ ما تم التوصل إليه حتى الآن يحاكي إلى حد ما إيجاد صاحبة القدم التي تناسب قياس حذائها الزجاجي في قصة «سندريلا».
<Ch. گورمان> هي محررة مخضرمة و <F .D. مارون>
هي محررة مشاركة في مجلة ساينتفيك أمريكان.
مراجع للاستزادة
Small Silencing RNAs: An Expanding Universe. Megha Ghildiyal and Phillip D. Zamore in
Nature Reviews Genetics, Vol. 10, pages 94–108; February 2009.
www.ncbi.nlm.nih.gov/pmc/articles/PMC2724769
Developing MicroRNA Therapeutics. Eva van Rooij et al. in Circulation Research, Vol. 110, No.
3, pages 496–507; February 3, 2012. http://circres.ahajournals.org/content/110/3/496.long
Control of Gene Expression by CRISPR-Cas Systems. David Bikard and Luciano A. Marraffini
in F1000 Prime Reports, Vol. 5, Article No. 47; November 1, 2013.
http://f1000.com/prime/reports/b/5/47
(1) cellular housekeeper أو: منظم خليوي
(2) أو: الكائنات الحية
(3) molecular biology
(4) deoxyribonucleic acid
(5) genetic information
(6) أو: الهيموفيليا
(7) biomolecules
(8) godmothers
(9) godfathers
(10) housekeeper
(11) ribosomal RNA
(12) small interfering RNA
(13) structures؛ أو: بنى
(14) أو: الكائن الحي
(15) RNA interference
(16) small interfering RNA
(17) Ebola
(18) CRISPR sequences
(19) singlecelled organisms
(20) Long noncoding RNAs
(21) clustered regularly interspaced short palindromic repeates
(22) bacterialike organisms
(23) CRISPR-associated proteins
(24) jujitsu
(25) origami
(26) أو: الكركي