هل يمكن إيقاف الكلاميديا؟

الكلاميديا(1) عامل مُمْرِض متفشٍّ ينتقل عن طريق الاتصال الجنسي، وهو مسبب

رئيسي للعمى الذي يمكن اتقاؤه، كما قد يكون له دور في الإصابة بمرض قلبي.

وتطرح الاكتشافات الحديثة طرائق جديدة للحد من انتشاره.

<M.D.أوجيوس> ـ <T.دارڤيل> ـ <M.P.باڤويل>

اسأل الأمريكي العادي عن الكلاميديا، وسترى أن سؤالك ربما يثير الخوف الشديد لديه؛ إذ يتبادر إلى أذهان معظم الناس أحد أكثر الأمراض المنتقلة عن طريق الاتصال الجنسي (STDs). بيد أن تلك الكلمة تعني في الواقع نوعا كاملا من البكتيرات الدقيقة التي يمكن أن تسبب عددا من الأمراض الخطيرة.

واسأل أُمًّا مسكينة في إفريقيا عن الكلاميديا، وستجد أنها قد تذكر أن الذباب الناقل لهذه العدوى أدى إلى إصابة طفليها الصغيرين بحالة مرضية مؤلمة تصيب العين وتعرف باسم التهاب الملتحمة conjunctivitis. إن هذا المرض الذي تسببه ذرية من الكلاميديا الحثرية (كلاميديا التراخوما)(2) ـ وهو النوع المسبب لأحد الأمراض المنتقلة بالاتصال الجنسي ـ يمكنه أن يؤدي إلى الحَثَر (التراخوما) الذي قد ينتهي بالعمى. وهناك نوع ينقله الهواء في البلدان الصناعية، وهو الكلاميديا المسببة لذات الرئة، يفضي إلى الإصابة بالرشح والتهاب القصبات، ونحو 10 في المئة من حالات ذات الرئة المكتسبة خارج المستشفيات. كما وجد الباحثون علاقة محتملة بين كلاميديا ذات الرئة والتصلب الشرياني (العصيدي) الذي هو حالة من التضيق الشرياني تؤدي إلى الأمراض القلبية والسكتات الدماغية.

وبما أن الكلاميديا هي نوع من البكتيرات، فبإمكان المضادات (الصادات) الحيوية أن توقف العداوى (الأخماج) التي تسببها. ولكن، لسوء الحظ، غالبا ما يبقى المرض من دون كشف أو معالجة لأسباب عدة. ونادرا ما تقود العداوى التناسلية إلى ظهور أعراض مبكرة. وفي البلدان النامية حيث يؤلف الحثر مصدر قلق، فغالبا ما يفتقر الناس إلى معالجة كافية أو وقاية جيدة للحفاظ على الصحة. ونتيجة لذلك، فإن العديد من البشر المصابين بواحدة أو أكثر من ذراري الكلاميديا والذين يقدر عددهم بنحو 600 مليون، سيبقون من دون رعاية طبية حتى تصل العواقب إلى درجة لا رجعة بعدها.

من غير الواقعي أبدا توقع إمكان تحديد الأطباء كافةَ المصابين بمرض ينتقل عن طريق الاتصال الجنسي أو أن تَحَسُّن وسائل حفظ الصحة سيستأصل بسرعة البكتيرات المسببة للحثر في البلدان النامية. ولهذا فإن أفضل أمل لإيقاف انتشار هذه الأمراض يكمن في تطوير لقاح فعال أو إيجاد معالجات واقية. ولكي يكتشف العلماء العوامل القادرة على منع العداوى قبل ابتدائها، يجب عليهم معرفة المزيد عن طرق تكاثر الكلاميديا، وكيفية تحريضها المرض، وأسلوب عملها على المستوى الجزيئي. ولكن كان من الصعب التوصل إلى تلك المعلومات؛ إذ لا تملك الكلاميديا استراتيجيات مختلفة للتملص من الجهاز المناعي في الجسم فحسب، بل إنها صعبة الدراسة أيضا في المختبر. غير أن البحوث الجديدة التي جرت خلال السنوات الخمس الماضية، بما فيها معرفة التسلسل الكامل لجينومات (مجينات) العديد من ذراري الكلاميديا، ساعدت الباحثين على بدء التوجه نحو إزالة هذه العقبات. وتحيي الاكتشافات الناتجة الأمل في إيجاد استراتيجيات وقائية جديدة.

الأذية الصامتة

إن أحد العوائق الأساسية التي تعترض التوصل إلى إيجاد لقاح للكلاميديا هو الطريقة الخفية التي تتبعها لإيقاع الفوضى في الجسم. فالميكروبات التي تسبب الكزاز tetanus أو الكوليرا (الهيضة) تغمر الأنسجة بالذيفانات التي تخرب الخلايا غير المنيعة أو تقتلها. أما الكلاميديا، فعلى نقيض ذلك، لا تخرب الأنسجة مباشرة، بل تحدث استجابة مناعية شديدة تسعى إلى كبح العدوى عن طريق إحداث التهاب يستمر ما استمرت البكتيرات في البدن، حتى إن كانت بأعداد قليلة. ومن السخرية أن هذه الطريقة في محاربة العدوى تسبب في الواقع ضررا بعيد المدى. إن اللقاحات تمنع المرض بوساطة تفعيل الجهاز المناعي كي يستجيب بقوة للعوامل النوعية المسببة للداء. أما في هذه الحالة فإن مسبب الالتهاب في هذه الاستجابة قد يضر أكثر مما ينفع.

وسواء كان الالتهاب في الجهاز التناسلي أو الأجفان أو أي مكان آخر، فإنه يبدأ حينما تفرز بعض خلايا الجهاز المناعي للعائل (الثوي) عوامل تدعى السيتوكينات ـ وهي پروتينات صغيرة واسمة تجتذب خلايا دفاعية إضافية إلى موقع العدوى. وتحاول الخلايا المجتذَبة والسيتوكينات الإحاطة بالمنطقة لمنع انتشار البكتيرات. وتؤدي هذه الطريقة في الجلد إلى ظهور أعراض خارجية مصاحبة للالتهاب، هي: الاحمرار والانتفاخ والحرارة. وفي الوقت ذاته، تساعد السيتوكينات المسببة للالتهاب على إحداث استجابة تصلح النسيج تدعى التليف fibrosis، وهي التي قد تؤدي إلى التندب scarring.

أما التهاب الجهاز التناسلي المبكر فهو غير واضح؛ إذ إن من بين 3.5 مليون أمريكي مصابين بالكلاميديا المنتقلة عن طريق الاتصال الجنسي كل عام، لا تبدو أية أعراض على 85 إلى 90 في المئة منهم. وقد يشعر الرجال الذين يقع الالتهاب لديهم في القضيب بألم خفيف خلال التبول. أما النساء فقد لا يشعرن بشيء لأن البكتيرات تصعد في جهازهن التناسلي إلى بوقيْ فَلُّوپ. وينقل هؤلاء الأفراد العلة من دون علمهم إلى آخرين. وفي الحقيقة، قد لا تعلم المرأة بإصابتها إلا بعد أن تحاول الحمل فيتبين لها أنها عقيم. وهناك حالات أخرى يسبب فيها الالتهاب المستمر وتندُّب بوقيْ فلوپ ألما مزمنا في الحوض أو يزيد من فرص الحمل البوقي أو الحمل المنتبِذ (الحمل خارج الرحم) ـ وهو السبب الأساسي لموت الجنين في الأشهر الثلاثة الأولى من الحمل في الولايات المتحدة.

يتضح التهاب الأجفان على نحو أسرع. وتصيب مثل هذه العداوى نحو 150 مليون فرد يعيشون في الأقطار النامية ذات المناخ الحار؛ وربما كان الحصول على المعالجة هناك نادرا، كما أن بوسع الذباب والجرجس (بعوض صغير) نقل البكتيرات سريعا بين البشر الذين لا يواظبون على غسل أيديهم ووجوههم. (لا يحدث الحثر في الولايات المتحدة ولا في أوروبا الغربية بسبب جودة النظام الصحي العام). وحينما تسبب العداوى ندبات داخل الجفن العلوي على نحو متكرر وعلى امتداد عدة سنوات، فقد يبدأ الجفن بالارتخاء وتتجه أهداب العين نحو الداخل فتخرش القرنية. فإن لم تراقب أذية القرنية، أدت إلى العمى بعد عقود من العدوى البدئية.

إن أجزاء متعددة في الجسم، بما فيها العينان والرئتان والجهاز التناسلي، هي عرضة لعدوى الكلاميديا.

ونظرا لأن الالتهاب مسؤول عن معظم التأثيرات السيئة للكلاميديا، فعلى الذين يبذلون جهدهم للتوصل إلى لقاح أن يجدوا طريقة للتحكم في البكتيرات من دون إثارة استجابة التهابية شديدة. والطريقة المثلى هي وجوب أن يتلاءم أي تدخل مع الاستجابة الالتهابية، وأن يثيرها بالقدر الذي يكفي بالكاد لمساعدة الدفاعات المناعية الأخرى للبدن على استئصال البكتيرات.

ويركز الكثير من الأبحاث حول العداوى التي تسببها الكلاميديا وغيرها من الأجسام الممرضة، على العوامل التي تحث إفراز السيتوكينات المسببة للالتهاب أو توهن الاستجابة الالتهابية بعد القضاء على العدوى. وفي غضون السنوات القليلة الماضية اكتشف الباحثون جزيئات صغيرة تحرض هذه الاستجابات في البدن بشكل طبيعي أو تثبطها. وستتمثل الخطوة التالية في التوصل إلى مركبات قادرة على تنظيم نشاطات هذه الجزيئات. وربما أمكن إيصال هذه العوامل لإخماد الالتهاب على نحو صنعي بعد إعطاء المضاد الحيوي الملائم للتحكم في البكتيرات.

في الانتظار

إضافة إلى تحريض الكلاميديا للالتهاب، فإن لها صفات أخرى تعيق التوصل إلى لقاح فعال. فعلى سبيل المثال، حينما يصاب المرء بالنكاف أو بالحصبة، أو يأخذ لقاحا ضدهما، يصبح منيعا مدى الحياة. ولكن الأمر غير ذلك في الكلاميديا. فالجسم يمر بأوقات عصيبة كي يزيل البكتيرات بشكل كامل؛ كما أن المناعة الطبيعية بعد معركة مع الميكروبات لا تستمر إلا نحو ستة أشهر فحسب. وهكذا، فالعدوى التي اختفت ظاهريا قد تستعر ثانية بعد أشهر أو سنوات، ولا يتبقى إلا وقاية ضئيلة ضد الفاشيات outbreaks الجديدة. فإذا كانت استجابة الجسم الطبيعية حيال العدوى تعجز عن أن تمنح وقاية طويلة الأمد، فمن المرجح أن لقاحا يحاكي هذه الاستجابة فحسب سيخفق أيضا. ولكي ينجح اللقاح، عليه أن يثير دفاعات أشد من تلك الدفاعات التي تحدث على نحو طبيعي ومن دون إطلاق زناد التهاب مفرط.

إن إحدى الطرق التي تؤدي بها اللقاحات ـ أو الاستجابات المناعية الطبيعية تجاه عدوى بدئية للحماية من استعمار مستقبلي تقوم به بعض الأحياء المجهرية ـ تتمثل في حث الجسم على إنتاج ما يدعى لمفاويات الذاكرة Bالموجهة نحو تلك الغازيات النوعية. وتحمي هذه الخلايا المناعية الجسم مدى الحياة، وهي جاهزة لإفراز جزيئات ضدية يمكنها الالتصاق بأي مسببات جديدة للمرض ووسمها للإطاحة بها قبل أن تغزو الخلايا السليمة. ويعمل جهاز الأضداد بصورة جيدة ضد عدد من العوامل الممرضة، وبخاصة ضد البكتيرات العديدة التي تعيش خارج خلايا العائل. وبوسع الأضداد نظريا مهاجمة الميكروبات قبل دخولها الخلايا أو حين انتقال النسخ المتولدة حديثا من خلية إلى أخرى. ولكن جهاز اللمفاويات B ليس فعالا جدا في أداء هذه المهمات حينما يتصل الأمر بالكلاميديا التي تعيش داخل الخلايا؛ إذ تعجز الأضداد الجائلة عن الوصول إليها.

وابتغاء منع الكلاميديا من البقاء هاجعة في الخلايا ومن ثم تكاثرها من جديد، ربما احتاج اللقاح إلى تحريك ما يدعى الذراع الخلوية للجهاز المناعي، إضافة إلى إثارة هجمة تقوم بها الأضداد. إن هذه الذراع ذات الأهمية الكبرى في استئصال الڤيروسات (التي تعيش داخل الخلايا أيضا)، تعتمد على الخلايا التائية (T) القاتلة والمساعدة، فضلا عن اعتمادها على الخلايا الكانسة scavenger cells المعروفة بالبلاعم macrophages للقضاء على الغزاة. ولكن لسوء الطالع، لا يستطيع حتى هذا الفريق الثلاثي من الخلايا المناعية إنجاز عمل كامل يقضي به على الكلاميديا، ويغلب أن تبقى الخلايا المصابة بالعدوى حية وتصبح مصانع لإنتاج هذه البكتيرات.

إن إيجاد لقاح قادر على إثارة استجابة خلوية تفوق ما يستطيع البدن فعله بمفرده هو مطلب ضخم. وتُحدث أكثر اللقاحات المتوافرة استجابة ضدية محددة الهدف، غير أن تنشيط المناعة الخلوية على نحو آمن ضد أمراض مُعدية عديدة يبقى مهمة صعبة. إن هذه المهمة عسيرة جدا في حالة الكلاميديا، لأن لهذه البكتيرات طرقا خاصة لحماية نفسها من هجوم يشنه عليها الفرع الخلوي في الجهاز المناعي.

نظرة إجمالية/ قليل جدا ومتأخر جدا

■ تتخذ الكلاميديا أشكالا هجومية عديدة. إن عداواها غيرَ المعالجة أصابت أكثر من 6 ملايين فرد في العالم بالعمى، وهي تسبب العقم لأكثر من 000 10 امرأة في الولايات المتحدة كل عام؛ كما أنها مسؤولة عن 10 في المئة من حالات ذات الرئة في البلدان الصناعية.

■ لا يحصل معظم المصابين بالكلاميديا على العلاج بالمضادات الحيوية إلا بعد وقوع الضرر؛ وذلك لأنهم إما لا يلاحظون أعراضهم سريعا، أو لأنهم يفتقرون إلى السبل الكافية لحفظ الصحة أو الرعاية الصحية الملائمة.

■ بوسع حملات التثقيف الجنسي الشاملة وتحسين سبل الحفاظ على الصحة أن تحد بالتأكيد من انتشار بكتيرة الكلاميديا. ولكن الإجراءات الوقائية الأخرى كاللقاحات قد تكون الوسيلة الوحيدة للقضاء على المرض كليا.

مختطفون خفيون

ومثلما تفعل بعض البكتيرات الممرضة الأخرى، فإن الكلاميديا تحرض الخلايا الظهارية ـ وهي في هذه الحالة الخلايا المبطنة للجهاز التناسلي أو للأجفان أو الرئتين ـ على امتصاصها ضمن كيس (أو فجوة) يحده غشاء. وتحاول الخلايا السليمة عادة قتل الممرضات التي أصبحت في الداخل عن طريق جعل فجوات الدخول تلتحم بالليزوزومات (اليحلولات) lysosomes، وهي البنى الخلوية التي تحوي الإنزيمات التي «تفرم» الپروتينات والشحوم والدنا DNA. وتعرض الخلايا جميعها الأجزاء المقطَّعة (المفرومة) على پروتينات تدعى معقد التوافق النسيجي الرئيسي majorhistocompatibility complex  MHC  وذلك على سطح الخلايا. إن الخلايا التائية المساعدة والقاتلة، التي تجول في أرجاء البدن على نحو مستمر، تتكتل على جزيئات معقد التوافق النسيجي الرئيسي (MHC) التي تبدي قطعا من الپروتينات الغريبة. فإذا تلقت الخلايا التائية (T) أيضا إشارات إزعاج أخرى، استنتجت أن الخلايا أصيبت بالعدوى، وستنظم الهجوم المناسب.

ولكن الكلاميديا تُجْبِر، بطريقة ما، فجوات دخولها على تفادي الليزوزومات، الأمر الذي يتيح لها التكاثر على نحو حر وهي منفصلة ماديا عن بقية أجزاء الخلية المصابة. فإن عجزت الليزوزومات عن تقديم قطع البكتيرات للعرض على سطح الخلية، فلن تتعرف الخلايا التائية (T) الجائلة أن خلية ما تؤوي غزاة. وربما أوحى فهم طريقة نمو البكتيرات وتحاشيها الليزوزومات بسبل جديدة لإحباط العدوى أو إيقافها. وتقدم نتائج البحوث الحديثة، بما في ذلك معرفة تسلسل جينومات الكلاميديا، العون في هذا المضمار.

إن تسلسل لبنات البناء الوراثية في دنا DNA كائن حي ما يحدد الپروتينات التي تصنعها الخلايا. والپروتينات بدورها تنجز معظم النشاطات الخلوية. وهكذا، فإن تسلسل الأكواد codes في جينة ما يقدم قدرا كبيرا من المعلومات عن كيفية قيام الكائن الحي بوظائفه. واكتشف الباحثون، ومنهم <R.هسيا> وواحد من فريقنا <باڤويل> [من جامعة ميريلاند] عنصرا من الكلاميديا ذا أهمية كبرى، وذلك بملاحظة أوجه الشبه بين جيناتها وجينات البكتيرات الأضخم، كالسلمونيلات التيفية الفأرية Salmonella typhimurinum ذات السمعة السيئة، لأنها تسبب تسمم الأطعمة. ويتفق العلماء الآن على أن الكلاميديا تملك كل ما تحتاج إليه لتشكيل نتوء يشبه الإبرة ومتعدد الاستعمالات يدعى جهاز الإفراز من النمط type III secretion apparatus III. ويقوم هذا الجهاز، الذي يجتاز غشاء فجوة الدخول، بعمله كقناة بين البكتيرات وسيتوپلازم (هيولى) الخلية العائلة.

ليست الكلاميديا مجرد مرض ينتقل عن طريق الاتصال الجنسي

ويعني مثل هذا الارتباط ضمنا أن بوسع الكلاميديا أن تحقن پروتينات داخل سيتوپلازم الخلية العائلة. وربما ساعد هذا الجهاز الكلاميديا على مقاومة التآثر مع الليزوزومات، لأنه يستطيع أن يفرز پروتينات تعيد تشكيل غشاء الفجوة بطرق تعترض وظيفة الليزوزوم. وإضافة إلى ذلك، لاحظ الباحثون الفجوة الحاملة للكلاميديا وهي تحرف الدهون (الشحميات) التي جرى فَلْوَرتها صنعيا، تحرفها بعيدا عن بعض حجيرات compartments الخلية العائلة، بما في ذلك جهاز گولجي Golgi، نحو غشاء الفجوة. ويحمل غشاء فجوة الدخول عادة جسيمات صنعها العامل الممرض في الداخل. وفي هذه الحالة، يبدو الغشاء المحيط بالبكتيرة غريبا بالنسبة إلى الخلية العائلة التي ستستهدف البكتيرة لتدمرها الليزوزومات على الفور. ولكن الدهون (الشحميات) التي تستخدمها الكلاميديا لإعادة بناء غشاء فجوة دخولها تأتي من الخلية العائلة؛ ولذا لا يمكن تمييز الفجوات عن عُضيات organelles الخلية العائلة، كما لا تتمكن الليزوزومات من رؤيتها.

إذا تعرف العلماء الپروتينات التي تفرزها البكتيرات للتمويه على الفجوات، ربما صار بمقدورهم استنباط نوعين من المعالجات المانعة للعدوى. ويمكن لأحد العقاقير المحتملة التدخل في نشاط الپروتينات بطريقة تجبر فجوة الدخول على الالتحام بالليزوزومات مُطْلقة هجوما يَحْدث بعد أن تغزو الكلاميديا الخلية مباشرة. وهناك عقار آخر قد يستطيع إضعاف الآليات التي تلجأ إليها البكتيرات لجعل الدهون تنحرف عن الخلية العائلة وتتجه نحو الفجوة الكلاميدية، وبذا تعوق قدرة المعتدي على الاختباء. ونظريا، يمكن دمج مثل هذه العقاقير في مبيدٍ ميكروبي موضعي يقاوم الكلاميديا المنتقلة عن طريق الاتصال الجنسي.

إن بعض الپروتينات المذكورة أعلاه ـ وغيرها من الپروتينات التي تتفرد البكتيرات بصنعها ولا تصنعها الخلايا البشرية ـ يمكنها أيضا أن تشكل مكونات لقاح مفيدة. وينبغي للجينومات التي تُجرى سَلْسَلتها حديثا أن تقدم المساعدة على تعيين أفضل المرشحين لمكونات اللقاح.

ميول انتحارية

ربما فتحت نتائج البحوث الحديثة عن دور الخلايا التائية (T) أبوابا أخرى. لقد عرف البيولوجيون منذ زمن أن الخلايا التائية (T) القاتلة تدمر بشكل طبيعي الخلايا المصابة بالعدوى عن طريق حث نمط من الموت الخلوي يدعى «الانتحار المبرمج» apoptosis الذي تستعمل الخلايا فيه إنزيماتها الخاصة كي تحل lyse پروتيناتها ودناها. ومن المعروف أيضا أن الخلايا المناعية ـ بما فيها الخلايا التائية (T) والبلاعم ـ تحرض إنتاج السيتوكينات التي تساعد على تعطيل عمل البكتيرات وإطلاق استجابة التهابية توقف انتشارها. إن أحد السيتوكينات المتصف بهذه الغاية المزدوجة هو عامل النخر الورمي ألفا (TNFalpha). ولكن الاستقصاءات المختبرية أظهرت أن بعض الخلايا المصابة بالعدوى تبقى حية على الرغم من المعالجة بعامل النخر الورمي ألفا وغيره من السيتوكينات الأخرى المحرضة على الانتحار الخلوي المبرمج، مما يسبب عداوى عنيدة. وتكمن المشكلة في أن الجسم لا يستسلم بسهولة؛ إذ إن السيتوكينات تستمر بإطلاق التهاب مزمن في محاولة منها لاحتواء العدوى، حتى إن لم تستطع استئصالها على نحو كامل.

هجوم الكلاميديا المتلصص

تترك الكلاميديا المنتقلة عن طريق الاتصال الجنسي معظم ضحاياها جاهلين بعداواهم (أخماجهم) إلى أن يصبح الضرر غير عكوس. وفي أسوأ الحالات، تؤدي العدوى التي تصيب بوقي فلّوپ المرأة إلى تكوّن نسيج ندبي يمنع وصول البيضة المخصبة إلى الرحم (الشكل الرئيسي)؛ الأمر الذي يسبب حملا بوقيا (نابذا) مهددا للحياة. إن المعلومات الحديثة عن التكتيكات التي تتبعها البكتيرات في سبيل بقياها (الشكلان الصغيران) قد تُمكن قريبا من اعتراض هجوم الكلاميديا الصامت [انظر الإطار في الصفحة 37].

1 البكتيرات تغزو الخلايا…

تقوم أشكال من الكلاميديا شبيهة بالأبواغ، تعرف باسم الأجسام الأولية، بغزو الخلايا المبطنة للجهاز التناسلي مشكلة حفرة على سطح الخلايا [في الأسفل]. وبما أنها مطوقة بقطعة مقتنصة من غشاء الخلية الخارجي [معروفة بفجوة الدخول] فإن الأجسام الأولية تبدأ بالتمايز مشكِّلة أجساما شبكية غير مُعدية. وتزدهر البكتيرات عن طريق استخلاص المغذيات من سيتوپلازم (هيولى) خلايا العائل.

2… وتتفادى دفاعات العائل

تتفوق الكلاميديا على جهاز دفاع العائل باتقائها خطر الليزوزومات (إحدى مكونات خلية العائل) التي تلتحم عادة مع فجوات الدخول التي تؤوي متطفلين غرباء [في اليسار]. وباستخدام قناة شبيهة بالمحقنة (بالزرّاقة) تسمى جهاز الإفراز من النمط III، قد تحقن البكتيرات بعضا من پروتيناتها الخاصة في الغشاء الخارجي لفجوة الدخول لتحصر ـ ماديا ـ الهجوم الليزوزومي.

3 ويبدأ الالتهاب

يطلق الجسم إنزيمات تمدد الأوعية الدموية وتزيد النفوذية عبر جدرانها، مما يسمح للخلايا المناعية والجزيئات الأخرى المخربة للكلاميديا بأن تهاجر إلى النسيج المصاب بالعدوى. وتتخرب بعض الأنسجة السليمة في أثناء هذه العملية.

4 وتتحاشى البكتيرات الكشف…

تختبئ الكلاميديا أيضا من الليزوزومات، وذلك عن طريق تجديد وصقل فجوة دخولها بجزيئات تحولها من جهاز گولجي ـ وهو مركز توزيع الدهون في خلايا العائل [في اليمين]. وهذه الشحوم المسروقة تجعل من الصعب التمييز بين الفجوة وبين عضيات الخلية المحاطة بالأغشية.

5 … وتشن هجوما جديدا

تنطلق أجسام أولية جديدة من الخلية العائلة خلال 72 ساعة بعد الغزو البدئي، ربما عن طريق إحداث انتحار مبرمج للخلية العائلة [في اليسار]. وفيما تتحطم الخلية المنتحرة، فإن بعض الأجسام الأولية تعدي الخلايا على نحو فردي؛ في حين يتجمع بعضها الآخر مشكلا ما يسمى أجساما انتحارية تدمجها الخلايا السليمة ضمن ذاتها من دون أن تلاحَظ.

6 تندّب الأنابيب وانسدادها

إذا كان التخرب النسيجي وخيما جدا بحيث لا تستطيع الخلايا السوية أن تنمو ثانية بعد أن يخمد الالتهاب، فإن خلايا متخصصة تدعى الأرومات الليفية fibroblasts تتحرك نحو المنطقة لتصحح الخطأ الحاصل من خلال تكوين نسيج ندبي. ويمكن للنمو المتفاقم للنسيج الندبي أن يعوق في النهاية مرور البيض الذي يطلقه المبيض.

ولكن لا يمكن للخلايا ـ حتى المصابة منها بالعدوى العنيدة ـ أن تعيش إلى الأبد. وفي الواقع، يبدو أن الكلاميديا طورت طريقة خاصة تتوصل بها إلى إماتة الخلية العائلة، وهو ما يجب أن تفعله الكلاميديا لضمان إطالة عمرها. (يجب على الخلية العائلة أن تتداعى قبل أن تتمكن البكتيرات من نقل العدوى إلى الخلايا الأخرى). وكما اكتشف <L.J.پيرفتيني>[في أثناء عمله كطالب دراسات عليا مع واحد منا (أوجيوس) في معهد پاستور بباريس] فإن بإمكان الكلاميديا أن تقتل الخلايا المعداة وتطردها بطريقة تقلل كثيرا من قدرة الجهاز المناعي للعائل على استشعار أي خطر، الأمر الذي يسمح بانتشار العدوى في الجسم من دون اكتشافها.

ويتطلب التعامل مع هذه المرحلة الأخيرة من دورة الحياة البكتيرية مواصلة الاستقصاء حول الپروتينات المحرضة على الانتحار الخلوي، وحول حماية الخلايا المصابة بعدوى عنيدة من علامات الانتحار. ومما يعرفه البيولوجيون حتى الآن، يمكن القول إن الطريقة الأخيرة قد تبرهن على أنها الأكثر جدوى في التوصل إلى إيجاد لقاح. إن جعل الخلايا المصابة بعدوى عنيدة أكثر حساسية للانتحار الخلوي، قد يجعل من الممكن استئصال البكتيرات التي تبقى هاجعة في الجهاز المصاب فترات طويلة، إضافة إلى إقلاله من العواقب الدائمة للعدوى المزمنة.

الارتباطات القلبية الوعائية

قد لا تشكل حالات الزكام والتهاب القصبات وذات الرئة مصدر القلق الوحيد للأفراد الذين استنشقوا أنواع الكلاميديا المنقولة بالهواء. وتلمح البراهين الحديثة إلى أن عداوى المكورات الرئويةC.pneumoniae قد تسهم أيضا في حدوث السكتات والهجمات القلبية. وربما كان لمثل هذا الارتباط فائدة، فقد يتمكن الأطباء في النهاية من وصف مضادات حيوية لمكافحة العدوى والمرض القلبي معا.

يسبب التصلب الشرياني (العصيدي) ـ وهو تضيق الشرايين الإكليلية (التاجية) الذي يُحدث معظم السكتات والأمراض القلبية ـ نحو نصف حالات وفيات الكبار في العالم الغربي. ولكن عوامل الخطورة المعهودة، كارتفاع معدل الكولسترول والتدخين، مسؤولة فقط عما يقرب من نصف عدد تلك الحالات فقط. غير أن العلماء الذين يبحثون عن السبب وراء نسبة ال50 في المئة الأخرى، شرعوا يفكرون بالعداوى منذ أن اتضح أن الالتهاب ـ وهو استجابة مناعية معممة ضد أي معتد واضح ـ هو أيضا أساس النماء والتمزقات المدمرة للرواسب المحملة بالدهن التي تضيق الشرايين الإكليلية [انظر: «التصلب العصيدي (التصلب الشرياني): النظرة الجديدة»، مجلة العلوم ، العددان 6/7 (2003) ، ص 46].

ظهرت المكورات الرئوية (السهم) في الشرايين الإكليلية لدى 54 في المئة من 272 مريضا مصابين بالتصلب الشرياني (العصيدي) تم فحصهم في دراسة نشرت عام 2000.

أضحت المكورات الرئوية متهما رئيسيا في إحداث الأمراض القلبية الوعائية بعد أن تم تعرفها كنوع منفصل من الكلاميديا عام 1983. وقد اتُهمت نظرا لانتشارها في كل مكان، إذ إن أكثر من 60 في المئة من الكبار في أرجاء العالم يحملون أضدادا لها (وهي إشارة إلى عدوى سابقة أو حالية). وظهر دعم لهذه الفكرة عام 1988 حينما ذكر أطباء من فنلندا وجود ارتباط إيجابي بين هذه الأضداد وخطورة الإصابة بأمراض الشرايين الإكليلية؛ وتعرف باحثون آخرون وجود هذه البكتيرة في شرايين بشرية مسدودة بعد خمس سنوات من انسدادها. ومنذ ذاك الحين، وظفت منظمات عديدة، كالمعاهد القومية للصحة والجمعية الأمريكية لأمراض القلب، ملايين الدولارات لدراسة العلاقة بين المكورات الرئوية والتصلب الشرياني (العصيدي).

وقدمت الدراسات التي أجريت على الحيوان خلال السنوات الخمس الماضية أو نحو ذلك بعضا من أشد البراهين إقناعا حول هذه الرابطة. وأظهرت إحدى تلك الدراسات على سبيل المثال، أن بكتيرات الكلاميديا يمكنها أن تنتقل من رئات الفئران إلى أقسام أخرى من جسمها عن طريق خلايا الدم البيض التي هي العوامل المسؤولة عن الالتهاب. وأظهر بحث آخر أن عداوى المكورات الرئوية تسرّع التصلب الشرياني في الفئران والأرانب، وأن بوسع المضادات الحيوية المضادة للكلاميديا أن تمنع ذات التسرع.

وعلى الرغم من أن هذه النتائج التجريبية غير نهائية، فقد كانت كافية لتسويغ عدد قليل من التجارب السريرية المحدودة على البشر. وبينت خمس من هذه التجارب أن علاجا بالمضادات الحيوية مدته 1-3 أشهر كان ذا دلالة من الوجهة الإحصائية ضد تفاقم التصلب الشرياني. ولكن النتائج كانت مشوشة حول ما إذا كان باستطاعة المضادات الحيوية أن تمنع فعليا وقوع الحوادث القلبية الخطيرة. كما تلقّى الأملُ بمعالجة طويلة الأمد صدمةً بالنتائج السلبية التي أظهرتها تجربتان ضخمتان جرى إنهاؤهما عام 2004، وشملت كل منهما 4000 متطوع تناولوا المضادات مدة تراوح بين سنة وسنتين.

وقد يبدو من الصعب تأكيد وجود رابطة واضحة بين عدوى المكورات الرئوية والتصلب الشرياني في البشر، نظرا لاشتراك عوامل عديدة أخرى في حدوث أمراض القلب. ولكن يبقى أن نعرف على وجه الدقة مقدار الإزعاج الكبير الذي تسببه هذه المضاعفات.

سبل هجوم متعددة

بغض النظر عن الاكتشافات التي يحملها المستقبل، لن يكون لقاح الكلاميديا المثالي بسيطا؛ إذ يجب عليه أن ينشّط كلا من الأضداد والأذرع الخلوية للجهاز المناعي على نحو أشد فعالية مما تقوم به استجابة الجسم الطبيعية، وأن يحد أيضا من الالتهاب بطريقة ما. أما بالنسبة إلى أولئك المهتمين بالوقاية من الأمراض المنتقلة عن طريق الاتصال الجنسي والمتعلقة بالكلاميديا، فعليهم التغلب على عقبة إضافية تتمثل في ضمان أن تظل لمفاويات الذاكرة في الجهاز التناسلي متأهبة للانقضاض على العدوى في أي وقت. ولكن هذا الجهاز (التناسلي) لا يحوي النمط النسيجي الذي يولّد خلايا ذاكرة، فمثل هذه الخلايا تميل إلى إخلاء هذه المنطقة، مما يترك الفرد عرضة للعدوى بعد فترة قصيرة من المناعة.

ويجب التذكر أن الإناث يحملن الآثار الدائمة للعدوى التناسلية. وربما تمثَّل أحد الأهداف المعقولة للقاح في حماية المرأة من المرض أكثر من حمايتها من العدوى في حد ذاتها. وقد تتحقق هذه الغاية بتمنيع الرجال والنساء على حد سواء. ويجب على اللقاح في هذا الإطار أن يقتصر على توليد أضداد تكفي فقط للإقلال من البكتيرات التي يحملها الرجال وليس لاستئصالها. ومن ثم، فإذا تعرضت المرأة فيما بعد إلى عدوى من رجل عن طريق المقاربة الجنسية، فإن خلايا الذاكرة التي يستحثها تمنيع المرأة ستنتقل إلى جهازها التناسلي بأعداد تكفي لقتل الكم الصغير من الكائنات الحية قبل أن تنتشر وتصل إلى بوقيْ فلّوپ الخاصين بها.

وإلى أن يتوصل الباحثون إلى إيجاد مثل هذا اللقاح، بإمكان مانعات الحمل التي تحتوي على عقاقير مضادة للكلاميديا أن تفي بالمطلوب. وقد تتخذ هذه الأدوية شكل مركبات تحصر الپروتينات التي تستعملها الكلاميديا للارتباط بخلايا السبيل التناسلي أو تستهدف الپروتينات التي تفرزها الكلاميديا لتعزز بُقياها داخل الخلايا. أما فيما يتصل بعداوى العين، فإن اللقاح الوحيد الذي يرجح أن يكون مفيدا هو ذاك الذي يمنع العدوى كليا.

وفي انتظار ظهور استراتيجيات وقائية فعالة ضد الكلاميديا، من المهم تذكّر أن المعالجة الحالية بالمضادات الحيوية ناجحة إلى حد كبير حينما تتوافر إمكانات الحصول عليها. وتشير التفاصيل الجديدة للاكتشافات الجينومية إلى أن فعالية هذه العقاقير سوف تستمر. ومقارنة بالممرضات البكتيرية التي تعيش طليقة ويمكنها أن تنقل جيناتها من عامل ممرض إلى آخر، فإن جينومات أنواع الكلاميديا بقيت ثابتة على حالها ملايين السنين. ويعني هذا الثبات الجيني ضمنا أن الكلاميديا لا يمكنها أن تكتسب بسهولة جينات من بكتيرات أخرى ـ بما في ذلك جينات تقاوم المضادات الحيوية.

إيقاف انتشار الكلاميديا

لا يستطيع التثقيف الجنسي وتحسين وسائل الحفاظ على الصحة وحدهما إيقاف انتشار العدوى بالكلاميديا. ولهذا يستمر عديد من العلماء بالبحث عن لقاح فعال أو علاجات وقائية أخرى. واقترحت الاكتشافات الحديثة استراتيجيات واعدة، أدرج بعضها أدناه، تبتغي تقويض خطط البكتيرة للبقاء حية أو الحد من الضرر الناجم عن الاستجابة المناعية الشديدة.

القضاء على البكتيرة حال دخولها الجسم

تطوير مبيد ميكروبي موضعي ـ هلامة أو مرهم أو رغوة ـ يمكن تناوله عن طريق المهبل أو المستقيم. ولاتزال مثل هذه المنتجات قيد التجارب على البشر لمعالجة الڤيروس HIV، الذي يعدي الأنسجة ذاتها التي تعديها الكلاميديا.

التدخل في قدرة البكتيرة على غزو الخلايا العائلة

التوصل إلى لقاح يضخم الاستجابة الضدية للعائل. إن الأدوية المضادة للالتهاب التي تُعطى بعد لقاح أو بعد معالجة بالمضادات الحيوية يمكنها أن تخفف الضرر، ولكنها أخفقت حتى الآن في تحقيق ذلك في التجارب على الحيوان.

تثبيط نمو البكتيرات ضمن الخلايا المصابة بالعدوى

التدخل في نشاط الپروتينات التي تستخدمها الكلاميديا لتحويل الدهون والمغذيات الأخرى بعيدا عن الخلية العائلة. ولكن لم يتم حتى الآن تعرف هذه الپروتينات. وحالما يحدث ذلك، من الممكن تعطيل فعلها بلقاح يصمم لهذه الغاية.

حث تدمير البكتيرات داخل الخلايا

تعطيل جهاز الإفراز من النمط III للبكتيرة، وهو الذي قد يطلق پروتينات تتفادى الليزوزومات، وهي مكونات الخلية العائلة التي «تفرم» الغزاة الغرباء.

وتبين التجارب أن البكتيرات ذات الأجهزة المتماثلة كانت عاجزة عن أن تسبب أعراض العدوى حينما عطّل العلماء الجينات التي تكود لكل من تلك الأجهزة. وتوحي هذه النتيجة أن العقاقير القادرة على إحصار الپروتينات التي تكودها تلك الجينات في الكلاميديا ربما أمكنها تقديم العون.

إيقاف قدرة البكتيرة على الانتشار

حث «انتحار» الخلايا المصابة بالعدوى قبل أن تتوافر للبكتيرة فرصة التحول إلى الشكل القادر على غزو الخلايا غير المصابة. إن المركبات التي يمكنها حث موت خلوي مبكر في الأورام هي الآن قيد التطوير؛ ويمكن للأدوية ذاتها، من الوجهة النظرية، أن تعمل ضد الكلاميديا.

وتجدر الملاحظة أن المضادات الحيوية لا تستطيع إيقاف الأذى النسيجي الذي يسببه الالتهاب، ويجب إعطاؤها مبكرا كي تحقق ذروة فائدتها. ولذا، من الضروري إجراء استقصاءات أوسع نطاقا للأفراد ذوي الخطورة العالية. وقد سبق للباحثين البرهنة على إمكان استخدام الفحوص البولية غير الباضعة للشباب النشيطين جنسيا من رجال ونساء، ولا سيما في مواقع معينة، كالمدارس الثانوية ومراكز القبول العسكرية ومرافق احتجاز الأحداث. كما أنه لا بد للقائمين على الصحة العامة من متابعة مثل هذه الاستراتيجيات، إضافة إلى البحث المستمر عن لقاحات فعالة.


المؤلف

David M.Ojcius – Toni Darville – Patrik M. Bavoil

إن لدى كل منهم خبرة مختلفة عن الآخر في مجال بحوث الكلاميديا. بعد أن درس أوجيوس المظاهر الخلوية والمناعية للعداوى على امتداد 12 سنة في فرنسا، انضم إلى هيئة التدريس في جامعة كاليفورنيا بميرسد عام 2004. أما دارڤيل، المختص بأمراض الأطفال المعدية في جامعة أركنسو للعلوم الطبية، فقد دأب على البحث في مناعية عدوى الكلاميديا منذ عام 1994 مستخدما الفئران وخنازير غينيا (القُبَيْعات) guinea pigs. ويعمل باڤويل في مجال دراسة الكيمياء الحيوية والبيولوجيا الجزيئية لهذا المرض كأستاذ مشارك في جامعة ميريلاند ببالتيمور.


مراجع للاستزادة 

Chlomydiae pneumoniae-An Infectious Risk Factor for Atherosclerosis? Lee Ann Campbell and Cho-cho Kuo in Nature Reviews Microbiology, Vol. 2, No. i, pages 23-32; January 2004.

Chlamydia and Apoptosis: Life and Death Decisions of an Intracellular Pathogen. Gerald I. Byrne and David M. Ojcius in Nature Reviews Microbiology, Vol. 2, No. 10, pages 802-808; October 2004.

Basic information on the infections, genomes, basic biology and immunology of chlamydia can be found at

http://chlamydiawww.berkeley.edu:4231/ and www.chlamydiae.com/chlamydiae/

Scientific American, May 2005



(1) المتدثرات chlamydia.

(2) chlamydia trachomatis

Comments

comments